قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ﴾؛ أي إنْْ تكفُروا يا أهلَ مكَّة بنِعَمِ اللهِ، فإنَّ اللهَ غنيٌّ عنكم، لم يأمُرْكم بالإيمانِ من حاجةٍ له إليكم لا لجلب منفعةٍ ولا لدفعِ مضرَّةٍ، وإنما آمرُكم به لنفعِكم.
﴿ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ ﴾؛ أي لا يرضَى لأوليائهِ وأهلِ طاعته الكُفرَ. وَقِيْلَ: معناهُ: ولا يرضَى لعبادهِ المخلصِين الذي قالَ " فيهم "﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾[الاسراء: ٦٥] فألزمَهم شهادةَ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وحبَّبَها إليهم. وقال السديُّ: (وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أنْ يَكْفُرُواْ)، وهذه طريقةُ مَن قالَ بالتخصيصِ في هذه الآيةِ ومَن أجرَاها على العمومِ فمعناهُ: لا يرضَى الكفرَ لأحدٍ، وكفرُ الكافرِ غيرُ مُرضٍ، وإنْ كان بإرادةٍ، فاللهُ تعالى مقدِّرٌ الكفرَ غيرَ راضٍ به لأنه " ما " يَمدحهُ ولا يُثنِي عليه، قال قتادةُ: (مَا رَضِيَ اللهُ لِعَبْدٍ ضَلاَلَةً وَلاَ أمَرَهُ بهَا وَلاَ دَعَاهُ إلَيْهَا، وَلَكِنْ قَدَّرَهُ عَلَيْهِ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾؛ معناهُ: وإن تَشكُروا ما أنعمَ عليكم من التوحيدِ يَرْضَ ذلك الشكرَ لكم ويُثِيبَكم عليه.
﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾؛ أي لا تُؤخَذُ نفسٌ وزراً بذنب أُخرى.
﴿ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ ﴾؛ في الآخرةِ.
﴿ فَيُنَبِّئُكُـمْ ﴾، فيَجزِيكم.
﴿ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾، في الدُّنيا.
﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾، بعزائمِ القلوب.


الصفحة التالية
Icon