قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾؛ أي ما عرَفُوا اللهَ حقَّ معرفتهِ، ولا عظَّموهُ حقَّ تعظيمهِ، إذ عبَدُوا الأوثانَ مِن دونهِ، وأمَرُوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعبادةِ غيره. ثم أخبرَ عن عظَمتهِ فقالَ: ﴿ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ ﴾؛ أي وجميعُ الأرضِ في مَقدُورهِ يومَ القيامةِ كالذي يقبضُ عليه القابضُ في قَبضَتهِ، وهذا كما يقالُ: فلانٌ في قبضةِ فلانٍ؛ أي تحتَ أمرهِ وقبضَتهِ، والقَبْضَةُ في اللغة: ما قَبَضْتَ عليهِ بجمعِ كفِّكَ، أخبرَ اللهُ تعالى عن قُدرتهِ فذكرَ أن الأرضَ كلَّها مع عَظَمتِها وكثافَتِها في مَقدُورهِ، كالشَّيء الذي يَقبضُ عليه القابضُ بكَفَّه. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾؛ ذكرَ اليمينَ للمبالَغةِ في الاقدار، يعني أنَّهُ يَطوِيها بقُدرتهِ كما يطوِي الواحدُ منَّا الشيءَ المقدورَ له طَيُّهُ بيمينهِ، قال الأخفَشُ: (مَعْنَاهُ مَطْوِيَّاتٌ فِي قُدْرَتِهِ نَحْوَ قَوْلِهِ أوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ؛ أيْ مَا كَانَتْ لَكُمْ عَلَيْهِ قُدْرَة وَلَيْسَ الْمُلْكُ لِليَمِينِ دُونَ الشِّمَالِ). وقد يُذكَرُ اليمينُ بمعنى القوَّة كما قالَ الشاعرُ: إذا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بالْيَمِينثُم نَزَّهَ نفسَهُ عن شِركهم فقالَ: ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.