قولهُ تعالى: ﴿ يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ ﴾؛ أي خِيانَتها وهي مُسَارَقَةُ النظرِ إلى ما لا يحلُّ، قال ابنُ عبَّاس: (خَائِنَةُ الأَعْيُنِ: هُوَ الرَّجُلُ يَكُونُ جَالِساً مَعَ الْقَوْمِ، فَتَمُرُّ الْمَرْأةُ فَيُسَارقُهُمُ النَّظَرَ إلَيْهَا). وقال قتادةُ: (هِيَ هَمْزُهُ بعَيْنِهِ وَإغْمَاضُهُ فِيمَا لاَ يُحِبُّ اللهُ). ويجوزُ أن يكون المرادُ به: يعلَمُ العينَ الخائنةَ؛ أي يُجَازي بخائنةِ الأعيُن، فكيف بما فوقَها، كما قالَ في آيةٍ أُخرى﴿ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾[الاسراء: ٣٦].
وفي الحديثِ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِِعَلِيٍّ رضي الله عنه:" لاََ تُتْبعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإنَّ لَكَ الأٌوْلَى وَعَلَيْكَ الثَّانِيَةَ "، يعني بأنَّ الأُولى إذا وقعَ نظرٌ إلى موضعٍ لا يجوزُ له النظرُ إليه لا عن تعَمُّد منه، فإنه لا يكون إثماً في ذلك، وإنما يأثَمُ إذا عادَ بالنظرِ ثانيةً. وقولهُ تعالى: ﴿ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ ﴾؛ أي ويعلمُ ما تُضمِرُ الصدورُ عند خَائنةِ الأعيُن، ويعلمُ ما تُسِرُّ القلوبُ من المعصيةِ.


الصفحة التالية
Icon