قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ ﴾؛ يعني يومَ القيامةِ يُنَادَى فيه كلُّ أُناسٍ بإمَامِهم، وينادي فيه أهلُ النار أهلَ الجنة، وأهلُ الجنة أهلَ النار، وينادَى فيه بسعادةِ السُّعدَاءِ وشقاوةِ الأشقياءِ، وأصلهُ: يومَ التَّنَادِي بإثباتِ الياء كما في التَّناجِي والتَّقَاضِي، إلاّ أنَّ الياءَ حُذفت منه كما حُذف مِن قولهِ تعالى﴿ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ ﴾[القمر: ٦] وشبهِ ذلك. وَقِيْلَ: سُمِّي يومُ التَّنادِي لأنَّ الكفَّارَ يُنادُونَ فيه على أنفُسِهم بالويلِ والثُّبُور، كما قالَ تعالى:﴿ لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً ﴾[الفرقان: ١٤]، وَقِيْلَ في معنى ذلك: أنه يُنادِي المنادي ألاَ أنَّ فُلان بن فلان سَعِدَ سعادةً لا شقاوةَ بعدَها أبداً، ويُنادِي: إلا إنَّ فلان بنَ فلان شَقِيَ شقاوةً لا سعادةَ بعدَها أبداً. وقرأ الحسنُ: (يَوْمَ التَّنَادِي) بإثباتِ الياء على الأصل. وقرأ ابنُ عبَّاس: (يَوْمَ التَّنَادِّي) بتشديدِ الدال على معنى يوم التنافُرِ، وذلك إذا هرَبُوا فنَدُّوا في الأرضِ كما يَنُدُّ الإبلُ إذا شرَدَتْ على أصحابها. قال الضحاك: (إذا سَمِعُوا بزَفِيرِ النَّار نَادَوا هَرَباً، فَلاَ يَأْتُوهُ قِطْراً مِنَ الأَقْطَار إلاَّ وَجَدُوا مَلاَئِكَةً صُفُوفاً، فَيَرْجِعُونَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانُواْ فِيْهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ ﴾، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ ﴾[الرحمن: ٣٣].