قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ﴾؛ وذلك أن اليهودَ كانوا يجادلون في النبيِّ صلى الله عليه وسلم في رفعِ القرآن، وكانوا يقولون له: صَاحِبُنا المسيحُ بن داودَ، يعنون الدجَّالَ يخرجُ في آخرِ الزمانِ فيبلغُ سلطانَ البرِّ والبحرِ، ويرُدُّ الْمُلْكَ إلينا وتسيرُ معه الأنْهَارُ، وهو آيةٌ من آياتِ الله! ويعظِّمون أمرَ الدجَّال، فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ. ومعناهُ: إنَّ الذين يخاصِمون بغيرِ حجَّةٍ أتَتْهُم.
﴿ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ﴾؛ أي ما في قُلوبهم إلاَّ عَظَمَةٌ عن قبولِ الحقِّ لِحَسَدِهم، ما هم ببَالِغِي تلك العَظَمة التي في قُلوبهم لأنَّ الله تعالى مُذِلُّهم، فلا يَصِلُونَ إلى دفعٍ من آياتِ الله. قال ابنُ عبَّاس: (وَالْمَعْنَى: مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى تَكْذِيبكَ إلاَّ مَا فِي صُدُورهِمْ مِنَ الْعَظَمَةِ مَا هُمْ ببَالِغِي مُقْتَضَى ذلِكَ الْكِبْرِ لأَنَّ اللهَ مُذِلُّهُمْ). وقال ابنُ قتيبة: (إنَّ فِي صُدُورهِمْ إلاَّ تَكَبُّرٌ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَطَمَعٌ أنْ يَصِلُوهُ وَمَا هُمْ ببَالِغِي ذلِكَ، فَاسْتَعِذْ باللهِ يَا مُحَمَّدُ مِنَ الْكِبْرِ وَمِنْ شَرِّ الْيَهُودِ وَمِنْ شَرِّ الدَّجَّالِ وَمِنْ كُلِّ مَا تَجِبُ الاسْتِعَاذةُ مِنْهُ)، وقولهُ تعالى: ﴿ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ ﴾؛ بهم وبأعمالِهم.