قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ ﴾؛ أي صَنَعَهُنَّ وأحكَمَهن وأتَمَّ خَلْقَهن سَبع سَماواتٍ بعضُها فوق بعضٍ بما فيهنَّ من الشمسِ والقمر والنجومِ.
﴿ فِي يَوْمَيْنِ ﴾، في يوم الخميسِ والجمُعة، فَتَمَّ خلقُ السماوات والأرض في ستَّة أيامٍ. لفظُ القََضَاءِ في اللغة بمعنى الإتْمَامِ، ومِن ذلك: انقضاءُ الشَّيء إذا تَمَّ، وقضَى فلانٌ إذا ماتَ؛ لأنه تَمَّ عمرهُ، وقال الشاعرُ: وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَان قََضَاهُمَا دَاودُ أوْ صَنَعُ السَّوَابغِ تُبَّعُعَمِلَهما وصَنَعَهُمَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا ﴾؛ قال قتادةُ: (يَعْنِي خَلْقَ شَمْسِهَا وَقَمَرِهَا وَنُجُومِهَا، وَخَلَقَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ خَلْقَهَا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَالْخَلْقِ الَّذِي فِيْهَا مِنَ الْبحَار وَجِبَالِ الْبَرِّ وَمَا لاَ يَعْلَمُهُ إلاَّ هُوَ). وَقِيْلَ: أمَرَ في كلِّ سَماءٍ بما أرادَ. وَقِيْلَ: أوحَى إلى أهلِ كلِّ سَمَاءٍ ما يصلحُها به مِن أمرهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ ﴾؛ أي زَيَّنَا السَّمَاءَ القُربَى إلى الأرضِ بمصابيحَ وهي النجومُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَحِفْظاً ﴾؛ أي وحَفِظْنَاهَا بالنُّجوم من استراقِ الشَّياطين السمعَ حِفْظاً. وَقِيْلَ: انتصبَ (حِفْظاً) على تقديرِ: وزيَّنَّا السَّماءَ الدُّنيا بمصابيحَ زينةً وحِفظاً، فبعضُ النُّجوم زينةٌ للسَّماء لا يتحرَّكُ، وبعضُها يُهتدَى بها في ظُلمات البَرِّ والبحرِ، وبعضُها رجومٌ للشَّياطينِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ ﴾؛ أي ذلكَ الذي سَبَقَ ذِكْرُهُ؛ تقديرهُ: الْعَزِيْزُ في مُلكهِ القادرُ القاهرُ الذي لا يلحقهُ عَجْزٌ ولا يَعْتَرِيهِ سهوٌ ولا جهل، أحكَمَ ذلك كلَّهُ وأتقنَهُ حتى لا يدخلَهُ الخللُ مدَى الدُّهور.