قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا ﴾؛ أي حتَّى إذا جَاءُوا النارَ التي لم يقذفوا ثم يقذفون في النار. قولهُ تعالى: حُشِر أعداءُ الله حُبسُوا عندَها وهم يُعَاينُونَها، ويقالُ لَهم: أينَ شُركاؤُكم الذين كنتم تَزعُمون، فيجْحَدُون ويقولونَ: واللهِ ربنا ما كُنا مشركينَ، فعند ذلك يُخْتَمُ على أفواهِهم وتُسْتَنْطَقُ جوارحُهم ﴿ شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ ﴾، وكلُّ عُضوٍ من أعضَائِهم بما ارتكَبُوا من الكُفرِ والمعاصِي. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس: (يُرِيْدُ فُُرُوجَهُمْ، كَنَّى عَنْهَا بالْجُلُودِ). وَقِيْلَ: الجلودُ الجوارحُ.
﴿ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ ﴾، فيقولُ الكفَّار لجلودِهم بَعدَما يُرَدُّ النطقُ إلى ألسِنتهم: ﴿ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ﴾؛ وعمِلتُم على هلاكِنا.
﴿ قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾؛ وتَمَّ الكلامُ. ثُم قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾؛ أي ليسَ إنطاقهُ الجلودَ أبدعَ من خلقهِ إيَّاكم ابتداءً وإعادةً بعد الموتِ، وليس هذا مِن كلامِ الجلود.


الصفحة التالية
Icon