قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾؛ أي ذلك الذي سبقَ ذِكرهُ من النعيمِ يبشِّرُ اللهُ عبادَهُ المؤمنين المخلِصين. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ ﴾؛ أي لا أسألُكم على تبليغِ الرسالة؛ أي تعليمِ الشريعةِ أجْراً، وهذا دأبُ كلِّ نبيٍّ مع قومهِ، وقولهُ تعالى: ﴿ إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ ﴾ أي لاَ أَسأَلُكم عليه أجراً إلاَّ أن تَصِلُوا ما بيني وبينَكم من القرابةِ. قال ابنُ عبَّاس: (لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ إلاَّ وَلِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَابَةٌ فِيْهِمْ). والمعنى: قُل لا أسأَلُكم على ما أدعُوكم إليه من الحقِّ إلاَّ أنْ تحفَظُوني في قرابَتِي بيني وبينكم. وقال مجاهدُ: (مَعْنَاهُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لاَ أسْأَلُكُمْ عَلَى مَا أقُولُ أجْراً، أرْقُبُونِي فِي الدُّعَاءِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَلاَ تَعْجَلُوا إلَيَّ وَدَعُونِي وَالنَّاس). وقال الحسنُ: (مَعْنَاهُ: إلاَّ أنْ تُؤَدُّوا إلَى اللهِ فِيمَا يُقَرِّبُكُمْ إلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ). وعن ابنِ عبَّاس قالَ:" لَمَّا نَزَلَتْ ﴿ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ ﴾ قَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَأْمُرُنَا اللهُ بمَودَّتِهِمْ؟ قَالَ: " عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَوَلَدَهُمَا " ". وعن عليٍّ رضي الله عنه قالَ: (قَالَ فِينَا، فِي آلِ مُحَمَّدٍ، فِي حَمِ آيَةً لاَ يَحْفَظُ مَوَدَّتَنَا إلاَّ كُلُّ مُؤْمِنٍ، ثُمَّ قَرَأ: ﴿ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ ﴾ )، وقال الكلبيُّ: (مَعْنَاهُ: لاَ أسْأَلُكُمْ عَلَى الإيْمَانِ جُعْلاً إلاَّ أنْ تُوَادُّوا أقَاربي، حَثَّ اللهُ النَّاسَ عَلَى مَوَدَّةِ ذوي قَرَابَتِهِ). وعلى الأقوالِ كلِّها قولهُ ﴿ إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ ﴾ استثناءٌ ليس من الأوَّلِ، وليس المعنى: أسأَلُكم المودَّةَ في القُربَى؛ لأن الأنبياءَ لا يسأَلُون أجْراً على تبليغِ الرسالة، والمعنى ولكنِّي أُذكِّرُكم المودةَ في قرابَتِي. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً ﴾؛ أي ومَن يكتَسِبْ حسنةً نُجازيه عليها أضْعَافاً، بالواحدةِ عشراً فصاعداً.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ ﴾؛ لذُنوب الناسِ.
﴿ شَكُورٌ ﴾؛ للقليلِ حتى يُضاعفَهُ.


الصفحة التالية
Icon