قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ﴾؛ يعني بني مَلِيح من خُزاعة، كانوا يعبُدون الملائكةَ.
﴿ وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ﴾ أي ما عبَدُوا الملائكةَ، وإنما عبَدناهم بمشيئةِ الله تعالى. وإنما كانوا يقُولون هذا القولَ إبلاغاً لعُذرهم عند سَفَلَتِهم، يقول اللهُ تعالى: ﴿ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ ﴾؛ بقولِهم إنَّ الملائكةَ بناتُ الله وإنَّهم كَذبُوا في ذلك، وهو قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾؛ أي ما هُم إلا يكذبون فيما قالوا، ولم يتعرَّضْ لقولِهم ﴿ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ﴾ بشيءٍ؛ لأن هذا القولَ حقٌّ، وإنْ كان من الكفار، وهذا كقولهِ:﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ ﴾[النحل: ٣٥] أي ولو جعلتَ قولَهُ ﴿ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ ﴾ ردّاً لقولِهم ﴿ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ﴾ كان المعنى: أنَّهم قالوا: إنَّ الله قدَّرَنا على عبادتِهم فلم يُعاقِبْنا لأنه رَضِيَ ذلك، وهذا كذبٌ منهم؛ لأنَّ اللهَ تعالى وإنْ قدَّرَ كُفرَ الكافرِ لا يرضاهُ، وتقديرُ الكفرِ من الكافرِ لا يكون رضًى من اللهِ له.