قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ﴾؛ أي ولبُيوتِهم أبوَاباً من فضَّة وسُرُراً من فضَّة، على سُرُُر الفضَّة يجلِسُون ويتَّكئِون، وقولهُ تعالى: ﴿ وَزُخْرُفاً ﴾؛ الزُّخرُفُ هو الذهَبُ، كأنَّهُ قال: وجعَلنا أمتِعَتَهم من الذهب. هكذا في التفاسيرِ أنَّ المرادَ بالزُّخرُفِ الذهبَ، إلاَّ أنَّهُ في اللغةِ الزُّخرف: كَمَالُ الزِّينةِ، كما قال تعالى﴿ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا ﴾[يونس: ٢٤]، ويجوزُ أن يكون قولهُ ﴿ وَزُخْرُفاً ﴾ عَطفاً على قولهِ﴿ مِّن فِضَّةٍ ﴾[الزخرف: ٣٣] كأنَّهُ قالَ: مِن فضَّةٍ وزُخرُفاً، إلاَّ أنه لَمَّا قالَ حذفَ (مِنْ) جعل نصباً، وهذا إنما يكون على قولِ الكوفِيِّين. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾؛ مَن قرأ (لَمَّا) بالتشديدِ فالمعنى: ما كلُّ ذلك إلاَّ متاعُ الحياةِ الدُّنيا، ومَن قرأ بالتخفيفِ فـ (مَا) صلةٌ زائدة، والمعنى: وإنْ كلُّ لَمَا متاعُ الحياة الدنيا، يُتَمَتَّعُ به إلى حين ثُم يفنَى، وَثوابُ ﴿ وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾؛ الكفرَ والفواحشَ، والذي قرأ (لَمَّا) بالتشديدِ حمزةُ جعلَهُ في معنى إلاَّ، وحُكي عن سيبويهِ: نشَدتُكَ لَمَّا فعلتَ، بمعنى إلاَّ فعلتَ. وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ:" لَوْلاَ أنْ يَجْزَعَ عَبْدِي الْمُؤْمِن لَعَصَبْتُ الْكَافِرَ بعَصَابَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَلَصَبَّبْتُ الدُّنْيَا عَلَيْهِ صَبّاً "قال: ومصداقُ ذلكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾[الزخرف: ٣٣].