قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:" لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ... ﴾ الآيةُ، قَرَأهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى: أخَاصٌّ هَذا أمْ عَامٌّ؟ فَقَالَ: " عَامٌّ " فَقَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى: فَإنَّ عِيسَى تَعْبُدُهُ النَّصَارَى، فَهُوَ وَالنَّصَارَى فِي النَّار، وَعُزَيْرٌ تَعْبُدُهُ الْيَهُودُ، وَخُزَاعَةُ تَعْبُدُ الْمَلاَئِكَةَ، فَإنْ كَانَ هَؤُلاَءِ فِي النَّار فَآلِهَتُنَا خَيْراً مِنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى ﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً ﴾ ". والمعنى: لَمَّا شبَّهوهُ بآلهتهم ﴿ إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴾ يعني قومَهُ الكفارَ كانوا يضُجُّون ضجيجَ المجادَلةِ، حيث خاصَموهُ وقالوا: رضِينَا أن تكون آلهتَنا، وهو قولُهم: ﴿ وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ﴾؛ أي ليست آلِهتُنا خيراً من عيسَى، فإنْ كان عيسَى في النار بأنه يُعبَدَ من دونِ الله فآلِهتُنا في النار. قرئ (يَصِدُّونَ) بكسرِ الصاد وضمِّها، قال الفرَّاءُ والزجَّاجُ والأخفش والكسائيُّ: (هُمَا لُغَتَانِ، مَعْنَاهُمَا: يَضُجُّونَ). وَقِيْلَ: يَصُدُّونَ: يُعْرِضُونَ. ومَنَ قرأ بكسرِ الصاد فمعناهُ: يضحَكُون. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً ﴾؛ أي ما ذكَروا لكَ وصفَ عيسى إلاَّ لِيُجادِلُوكَ به؛ لأنَّهم قد علِمُوا أن المرادَ بحصَب جهنَّم ما اتخذوهُ من الموتِ. ثم ذكرَ أنَّهم أصحابُ خصُومَاتٍ فقالَ: ﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ﴾؛ أي جَدِلُونَ بالباطلِ، وعن أبي أُمامةَ الباهليِّ أنه قالَ: (مَا ضَلَّ قَوْمٌ إلاَّ أُوْتُوا الْجَدَلَ. ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ).