قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾؛ أي بالْمُعجِزَاتِ، وقال قتادةُ: (يَعْنِي الإنْجِيلَ)، وقوله تعالى: ﴿ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ ﴾؛ أي بالإنجيلِ، وَقِيْلَ: بالنبوَّةِ، وَ؛ جئتكم ﴿ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ﴾؛ فيما بينكم، قال مجاهدُ: (مِنْ أحْكَامِ التَّوْرَاةِ). فإن قِيْلَ: فهلاَّ بَيَّنَ لَهم جميعَ ما اختلَفُوا فيه وقد أُرسِلَ إليهم؟ قُلنا: قد اختلفوا فيه؛ قال بعضُهم: إنَّ الذي جاءَ به عيسى في الإنجيلِ إنما هو بعضُ الذي اختلَفُوا فيهِ، وقد بيَّنَ لهم من غيرِ الإنجيلِ ما احتاجُوا إليه. وقال بعضُهم: معناهُ: لأُبَيِّنَ لكم بعضَ الكتاب الذي تختلفون فيهِ، إذ كانوا مختلفين في بعضِ التَّوراةِ. وقال بعضُهم معناهُ: لأُبيِّنَ لكم أمرَ دينكم لأنَّهم كانوا مُختلفين في أمرِ دينهم ودُنياهم، والمقصودُ من إرسالِ الرسُلِ بيانُ الدينِ، فكان ذلك بعضَ ما اختلفوا فيه، وقد يذكَرُ البعضُ أيضاً بمعنى الكلِّ، كما قالَ الشاعرُ: قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُوأرادَ بالبعضِ الكلَّ، لأن المستعجلَ أيضاً قد يدركُ البعضَ.
﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾.