قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾؛ يعني الأخِلاَّءَ في يومئذٍ؛ أي يومَ تأتي الساعةُ ﴿ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾ يعني إذا كانت الْخِلَّةُ على المعصيةِ والكُفرِ صارت عداوةً يومَ القيامةِ.
﴿ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ يعني المؤمنينَ الذين يُخَالِلُ بعضُهم بعضاً على الإيمانِ والتقوَى، فإنَّ خِلَّتَهُمْ لا تصيرُ عدواةً. وفي الحديثِ:" أنَّ الأَخِلاَّءَ أرْبَعَةٌ: مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ، فَإذا سُئِلَ الْمُؤْمِنُ عَنْ خَلِيلِهِ، قَالَ: مَا عَلِمْتُهُ إلاَّ أمَّاراً بالْمَعْرُوفِ نَهَّاءً عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيُسْأَلُ الْمُؤْمِنُ الثَّانِي عَنْ خَلِيلِهِ، فَيَقُولُ مِثْلَ ذلِكَ، وَيُثْنِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبهِ خَيْراً، فَتَزْدَادُ مُخَالَلَتُهُمَا فِي الآخِرَةِ عَلَى الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا. ثُمَّ يُسْأَلُ أحَدُ الْكَافِرِيْنِ عَنْ خَلِيلِهِ، فَيَقُولُ: بئْسَ الأَخُ؛ مَا عَلِمْتُهُ إلاَّ أمَّاراً بالْمُنْكَرِ، نَهَّاءً عَنِ الْمَعْرُوفِ، اللَّهُمَّ أضْلِلْهُ كَمَا أضَلَّنِي، وَيَقُولُ الآخَرُ مِثْلَ ذلِكَ، وَيُثْنِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبهِ شَرّاً وَتَنْقَلِبُ مُخَالَلَتُهُمَا عَدَاوَةً، لأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي ذاتِ اللهِ تَعَالَى ".