قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ ﴾؛ الخطابُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، والمرادُ بهِ غيرهُ. والمعنى: إذا جاءَتْهم الساعةُ فاعلم أنَّه لا قاضيَ حينئذٍ إلاَّ اللهُ، ولا مخرجَ يومئذٍ إلاَّ إليهِ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قد كان عَلِمَ ذلك، ولكن هذا خطابٌ يدخلُ فيه الناسُ. والمعنى: مَن عَلِمَ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ فليَقُمْ على العلمِ ويَثبُتْ عليهِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ﴾؛ أي استَعصِمْ مِن مُواقعَةِ ذنبٍ يُوجِبُ الاستغفارَ. ويقالُ: معناهُ: استَغفِرْ لصَغَائِرِكَ؛ فإنه لا صغيرةَ مع الإصرار.
﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾؛ واستغفِرْ لذُنوب المؤمنين والمؤمناتِ، وهذا إكرامٌ من اللهِ لهذه الأُمة حين أمرَ نبيَّهم أنْ يستغفرَ لهم وهو الشفيعُ الْمُجَابُ فيهم. وقوله تعالى: ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾؛ أي مُتصرَّفَاتِكم في الدُّنيا من أوَّلِ ما ينقلِبُون من ظهرٍ إلى بطنٍ إلى أن تَخرُجوا من دُنياكم إلى قُبوركم، ويعلمُ أينَ مَثْوَاكُمْ في الآخرةِ، قال عكرمةُ: (مَعْنَاهُ: واللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ مِنَ أصْلاَب الآبَاءِ إلَى أرْحَامِ الأُمَّهَاتِ، وَمَثْوَاكُمْ مَقَامَكُمْ فِي الأَرْضِ). وقال مقاتلُ: (وَاللهُ يَعْلَمُ مُنْتَشَرَكُمْ بالنَّهَار وَمَأْوَاكُمْ باللَّيْلِ). والمعنى: إنَّهُ عالِمٌ بجميعِ أحوالِكم، لا يخفَى عليه شيءٌ منها.


الصفحة التالية
Icon