قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ ﴾؛ لنُعامِلُكم معاملةَ المختَبر فيما نأمُركم به من الجهادِ حتى نُمَيِّزَ المجاهدينَ منكم من غيرِهم، والصابرِين في القتالِ من الذين لا يصبرُون. وإنما كَنَّى بالعلمِ عن التمييزِ؛ لأنه يُتَوَصَّلُ بالعلمِ إلى التمييزِ، فكان اللهُ تعالى عالِماً بكلٍّ منهم قبلَ أنْ خَلَقَهم، ولكن أرادَ بالعلمِ في هذه الآية العلمَ الذي يجبُ به الجزاءُ، وهو علمُ الشهادةِ لا علمُ الغيب. وقولهُ تعالى: ﴿ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ ﴾؛ أي نَختَبرُ بما نأمرُكم به وننهاكم عنه أخبارَكم وأحوالكم حتى يظهرَ للناسِ، وكان الفضيلُ بن عِيَاضٍ إذا أتَى على هذه الآيةِ بَكَى وقالَ: (إنَّكَ إنْ بَلَوْتَ أخْبَارَنَا وَفَضَحْتَنَا وَهَتَكْتَ أسْتَارَنَا).


الصفحة التالية
Icon