قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾؛ يعني ما فَرَضَ عليهم في أموالِهم من الزكاةِ.
﴿ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ﴾؛ بذلك.
﴿ وَمَن يَبْخَلْ ﴾؛ بذلكَ.
﴿ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ﴾؛ عاقبةُ بُخلِهِ تعودُ عليه في العقاب، فيصيرُ بُخلهُ على نفسهِ.
﴿ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ ﴾؛ عن ما عندَكم من الأموالِ وعن أعمالِكم.
﴿ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ ﴾؛ وأنتم مُحتَاجُونَ إلى اللهِ وإلى ما عندهِ من الجزاءِ والرَّحمةِ والمغفرة، ثم يأمرُكم بالإنفاقِ لحاجتهِ ولا لِجَرِّ منفعةٍ ولا لدفعِ مضَرَّة، وإنما أمرُكم بذلك لمصالِحكم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ﴾؛ أي وإنْ تُعرِضُوا عن طاعةِ الله يَسْتَبْدِلْ قَوماً لا يَعْصُونَ ويفعلون ما يُؤمَرون، وَقِيْلَ: معناهُ: وإنْ تُعرِضُوا عن الإسلامِ وعمَّا افتَرَضَ عليكم من حقٍّ يستبدِلْ قوماً غيرَكم أطوعَ للهِ منكم.
﴿ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم ﴾؛ بل يكون أمثلَ منكم وأطوعَ. قال الكلبيُّ: (هُمْ كِنْدَةُ وَالنَّخْعُ)، وقال الحسنُ: (هُمُ الْعَجَمُ)، قال عكرمةُ: (هُمْ فَارسُ وَالرُّومُ). وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم" أنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ؛ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ إنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُواْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أمْثَالَنَا؟ فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ فِي صَدْر سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ - وَقِيلَ: عَلَى فَخِذِهِ - وَقَالَ: " هَذا وَأصْحَابُهُ ". وَقَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوْ كَانَ الإيْمَانُ مُعَلَّقاً بالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رجَالٌ مِنْ أبْنَاءِ فَارسَ " "قال الكلبيُّ فِي قَوْلِهِ: ﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ﴾ قَالَ: (لَمْ يَتَوَلَّوْا وَلَمْ يَسْتَبْدِلْ بهِمْ).