قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ﴾؛ أي أخلصَها واصطفَاها واختبرهَا، كما يُمتحَنُ الذهبُ بالنار فيخرجُ خَالصاً، وقال ابنُ عبَّاس: (مَعْنَاهُ: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أكْرَمَ اللهُ قُلُوبَهُمْ). وَقِيْلَ: أذهبَ الشهواتِ عنها. قال الزجَّاجُ: أمَرَ اللهُ بتَبْجِيلِ نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَأنْ يَغُضُّواْ أبْصَارَهُمْ عِنْدَمَا يُخَاطَبُونَ بالسَّكِينَةِ وَالْوَقَار؛ لِئَلاَّ تَحْبَطَ أعْمَالُهُمْ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فلذلك قال: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ فِي حَرْب مُسَيْلَمَةَ، قَاتَلَ ثَابتُ بْنُ قَيْسٍ وَسَالِمُ مَوْلَى أبي حُذيْفَةَ قِتَالاً شَدِيداً حَتَّى قُتِلاَ، وَاسْتُشْهِدَ ثَابتُ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ ﴾ الغَضُّ النَّقْصُ مِن كلٍّ شيءٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:﴿ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ﴾[لقمان: ١٩]، وقولهُ تعالى: ﴿ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ﴾ أي أخلَصَها للتَّقوى. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾؛ أي فِي الجنَّة.


الصفحة التالية
Icon