قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ﴾؛ وذلك:" أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ مُصَّدِّقاً إلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أحَنَةٌ، فَلَمَّا اتَّصَلَ خَبَرُهُ بهِمْ وَسَمِعُواْ بهِ اجْتَمَعُواْ لِيَتَلَقَّوهُ، فَفَرَّ مِنْهُمْ وَكَرَّ رَاجِعاً إلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّهُمْ قَدْ مَنَعُواْ الزَّكَاةَ وَارْتَدُّوا عَنِ الإسْلاَمِ وَقَصَدُواْ قَتْلِي. فَبَعَثَ إلَيْهِمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي جَيْشٍ، وَقَالَ لَهُ: " انْزِلْ بسَاحَتِهِمْ لَيْلاً، فَإنْ رَأيْتَ مَا يَدُلُّ عَلَى الإسْلاَمِ مِنَ الأَذَانِ لِلصَّلاَةِ وَالتَّهَجُّدِ أمْسِكْ عَنْ مُحَارَبَتِهِمْ، وَطَالِبْهُمْ بصَدَقَاتِهِمْ ". فَلَمَّا سَارَ إلَيْهِمْ خَالِدُ لَيْلاً سَمِعَ فِيهِمْ الأَذانُ وَالتَّهَجُّدَ، فَكَفَّ عَنْهُمْ إلَى أنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ لاَ عَلَى وَجْهِ قِتَالٍ، وَقُالُواْ: قَدِ اسْتَبْطَأْنَا رسَالَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَاتِ، فَسَلَّمُوهَا إلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ ". وسَمَّى الوليدَ بن عُقبة فَاسقاً، لِكَذِبهِ الذي وقعَ به. الأغَرُّ أو الفاسقُ: الخارجُ عن طاعةٍ بارتكاب كثيرٍ من الذُّنوب. وَقِيْلَ: الفاسقُ الذي لا يَستَحِي من اللهِ. وَقِيْلَ: هو الكذابُ الْمُعلِنُ بالذنب. والنَّبَأُ: الخبرُ عمَّا يَعظُمُ شأنهُ فيما يعملُ عليه. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَتَبَيَّنُوۤاْ ﴾؛ قد ذكَرنا قِراءَتين فيه في سُورة النساءِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ﴾؛ أي لِئَلا تُصيبوا قَوماً وهم مُسلمون.
﴿ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾.