قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾؛ أي هم الذين أقَرُّوا وصدَّقوا بوحدانيَّةِ اللهِ ونُبوَّة رسولهِ.
﴿ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ ﴾؛ أي لَمْ يَشُكُّوا في دينِهم بعدَ الإيمانِ.
﴿ وَجَاهَدُواْ ﴾؛ العدوَّ.
﴿ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾؛ طاعةً.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ ﴾؛ في الإيمانِ. فلمَّا نَزلت هذه الآيةُ جاءَ القومُ يحلِفون لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّهم يُؤمنون في السرِّ والعلانيةِ، وقد عَلِمَ الله منهم غيرَ ذلك، فأنزلَ اللهُ: قولَهُ تعالى: ﴿ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾؛ معناهُ: كيف يُعلِّمونَ اللهَ بالدِّين الذي أنتُم عليه، وهو عالِمٌ بكلِّ شيءٍ من كلِّ وجهٍ، وكيف يجوزُ أن يُعَلَّمَ مَن كان بهذه الصِّفة. وقوله: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾ وذلكَ أنَّ هؤلاءِ المنافقين كانوا يقُولون للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: قَاتَلَتْكَ العربُ بأسيافِهم ونحنُ جِئناك بالأهلِ والذراري والأثقالِ، ولم نُقاتِلْكَ كما قاتَلَك بنو فلانٍ، فقال اللهُ تعالى: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ ﴾؛ يا مُحَمَّدُ؛ ﴿ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ ﴾؛ فإنَّ إجَابَتَكم إلى الإسلامِ لم تكن إلاَّ لاجابتكم على أنفُسِكم لاَ إنَّكم أنعَمتُم على مَن دعاكُم إلى ذلك. ومِن المعلومِ أنَّ حقَّ الداعِي إلى الهدايةِ أعظمُ من حقِّ المطيعِ بالإجابةِ، فليس للمطالِب أن يُطالِبَ بالحقِّ الذي لَهُ وينسَى الحقَّ الأعظمَ الذي عليهِ، ولذلك قالَ اللهُ: ﴿ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ ﴾؛ وأخرجَكم من الضَّلال.
﴿ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾؛ في مَقالَتِكم.


الصفحة التالية
Icon