قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى ﴾؛ أي لن يَصِلُوا إلى ضَرَركُمْ أيُّهَا المسلمونَ إلاَّ أنْ يُؤذوكُم باللِّسان بقولِهم: عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ؛ وَالْمَسِيْحُ ابْنُ اللهِ؛ وَثَالِثُ ثَلاَثَةٍ؛ وَالْبَهْتُ وَالتَّحْرِيْفُ. وقال مقاتلُ: (إنَّ رُؤَسَاءَ الْيَهُودِ: كَعْبُ بْنَ الأَشْرَفِ؛ وَأَبُو رِافِعٍ، وَأبُو يَاسِرٍ؛ وَابْنُ صُوريّا وَغَيْرُهُمْ عَمَدُواْ إلَى مُؤْمِنِيْهِمْ كَعَبْدِاللهِ ابْنِ سَلاَمٍ وَأَصْحَابهِ فآذوْهُمْ لإسْلاَمِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى ﴾ أي باللِّسَانِ؛ يَعْنِي وَعِيْداً وطَعْناً بأَلْسِنَتِهِمْ وَدُعَاءً إلَى الضَّلاَلَةِ وَكَلِمَةَ كُفْرٍ تَسْمَعُونَهَا مِنْهُمْ فَتَتَأَذوْنَ بهَا). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ﴾؛ أي يعطوكُم الأدبَارَ مُنْهَزِمِيْنَ؛ يعني لا يَمْنعُكم أحدٌ من سَبْيكُمْ إيَّاهم وقتلِكُم نفوسَهم، وقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ﴾ جوابُ الشرطِ، إلاّ أنهُ استئنافٌ لأجلِ رأسِ الآيِ؛ لأنَّها على النونِ كقولهِ تعالى:﴿ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾[المرسلات: ٣٦] وتقديره: ثُمَّ هُمْ لا يُنْصَرُونَ، وقالَ في موضعٍ آخرَ:﴿ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ ﴾[فاطر: ٣٦] إذ لم يكن رأسَ آيةٍ. قال الشاعرُ: ألَمْ تَسْأَلِ الرَّبْعَ الْقَدِيمَ فَيَنْطِقُ   ........................ أي فهو ينطق.


الصفحة التالية
Icon