قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ ﴾ أخبرَ اللهُ تعالى بهذا أن لِمُشرِكي مكَّة من العذاب مثلَ ما لغيرِهم من الأُمم الكافرةِ. والمعنى: فإنَّ للذين كفَرُوا نَصيباً من العذاب مثلَ نصيب أصحابهم الذين هلَكُوا نحوُ قومِ نوحٍ وعاد وثمود. وأصلُ الذنوب الدَّلْوُ المملوءَـةُ بالماءِ، قال ابنُ قتيبة: (كَانُوا يَسْقُونَ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ذنُوبٌ)، فجعل الذنوبَ مكان الحظِّ والنصيب، قال الشاعرُ: لَنَا ذنُوبٌ وَلَكُمْ ذنُوبُ فَإنْ أبَيْتُمْ فَلَنَا الْقَلِيبُوقال آخرُ: لَعَمْرُكَ وَالْمَنَايَا طَارقَاتٌ لِكُلِّ بَنِي أبٍ مِنْهَا ذنُوبُوقولهُ تعالى: ﴿ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ ﴾ أي لا يستَعجِلُونِي بالعذاب، فإنِّي قد أخَّرتُهم إلى يومِ القيامة، يدلُّ عليه قَوْلُهُ تَعََالَى: ﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ ﴾؛ يعني يومَ القيامةِ.