قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ﴾؛ أي اصبرْ لِحُكمِ ربكَ إلى أن يقعَ بهم العذابُ، وَقِيْلَ: اصبرْ على تبليغِ الوَحِي والرسالةِ إلى أن يَقضِي لكَ ذلك ربُّكَ فيهم.
﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾؛ أي فإنَّكَ بحيثُ نراكَ ونحفظُكَ ونرعاكَ، وإنَّهم لا يَصِلُونَ إلى مكرُوهِكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾؛ يعني تقومُ من النَّومِ، كما رُوي: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا انْتَبَهَ قَالَ:" الَْحَمْدُ للهِ الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وَإلَيْهِ النُّشُورُ ". وعن الربيعِ بن أنس: (أنَّ الْمُرَادَ بهِ الْقِيَامُ فِي الصَّلاَةِ، وَهُوَ مَا يُقَالُ عِنْدَ تَكْبيرَةِ الافْتِتَاحِ " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إلَهَ غَيْرُكَ " ). وَقِيْلَ: المرادُ بهذه الآية صلاةُ الفجرِ عند القيامِ من النَّوم، ويقالُ: المرادُ منه التسبيحُ عند القيامِ من كلِ مجلسٍ، كما رُوي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ:" كَفَّارَةُ الْمَجَالِسِ كَلِمَاتٌ جَاءَنِي جِبْرِيلُ بِهِنَّ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إلَيْكَ. فَإنْ كَانَ مَجْلِسَ ذِكْرٍ، كَانَ كَالطَّابعِ عَلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإنْ كَانَ مَجْلِسَ لَغْوٍ، كَانَ كَفَّارَةً لِمَا كَانَ قَبْلَهُ ". والأقربُ إلى الظاهرِ من هذه التَّأويلاتِ: أنه صلاةُ الفجرِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى عَقَّبَهُ بقولهِ: ﴿ وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ﴾؛ والمرادُ به صلاةُ المغرب والعشاء، وأما.
﴿ وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ ﴾؛ فرَكعَتان قبلَ فريضةِ الفجرِ، كما رُوي عن عليٍّ رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ: (إدْبَارُ السُّجُودِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِب، وَإدْبَارُ النُّجُومِ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ). وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ:" رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".