قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ * وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ ﴾؛ يعني الوليدَ بنَ المغيرةِ، أعرضَ عن التصديقِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأعطَى قليلاً من الحقِّ بلسانهِ ثم قطعَ، وكان الوليدُ قد اتَّبعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم على دينهِ، فغيَّرهُ بعضُ المشرِكين فتركَ دينَهُ، فقالَ: إنِّي خشيتُ من عذاب اللهِ، فضمنَ الذي عاينَهُ إنْ هو أعطاهُ شيئاً من مالهِ ورجعَ إلى شِركهِ، أن يتحمَّلَ عنه العذابَ، ففعلَ. يعني رجعَ إلى الشِّرك وأعطاهُ ذلك الرجلُ بعضَ ما كان ذكَرَ له من المالِ ومنعَهُ تَمامَهُ، فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ: ﴿ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ * وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً ﴾ أي أدبرَ عن إيمانهِ وأعطَى صاحبَهُ قَليلاً من المالِ الذي وعدَهُ به ﴿ وَأَكْدَىٰ ﴾ أي بَخِلَ بالباقِي. قال المفسِّرون: (أكْدَى) أي قطعَهُ ولم يُتِمَّ عليهِ، وأصله من الكِدْيَةِ، وهو حجَرٌ يظهرُ في البئرِ ويمنَعُ من الحفرِ ويُؤِسَ من الماءِ، قال الكلبيُّ: (يُقَالُ: أكْدَى الْحَافِرُ وَأجْبَلَ؛ إذا بَلَغَ فِي الْحَفْرِ الْكِدْيَةَ وَالْجَبَلَ).


الصفحة التالية
Icon