قولهُ تعالى: ﴿ وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ ﴾؛ أي كذبُوا الرُّسُلَ وثَبَتوا على التكذيب وعَمِلُوا بهَوَى أنفُسِهم في عبادةِ الأصنام.
﴿ وَكُلُّ أَمْرٍ ﴾؛ بما أخبرَ اللهُ به من الأمُور الماضيةِ والمنتظَرَةِ.
﴿ مُّسْتَقِرٌّ ﴾؛ أي ثابتٌ لا تلحقهُ الزيادةُ والنقصان والتغيير والتبديلُ. وسببُ نزولِ هذه الآياتِ، هو ما رُوي:" أنَّ أهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم آيَةً وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حِينَ قَالَ أبُو جَهْلٍ: وَاللآتِ وَالْعُزَّى! لَئِنْ أتَيْتَ آيَةً كَمَا أتَتْ بهِ الرُّسُلُ قَبْلَكَ لَنُوْمِنَنَّ لَكَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَمَاذا عَلَيْكَ لَوْ حَلَفْتَ باللهِ الْعَظِيمِ؟ " فَقَالَ: وَرَب هَذِهِ الْكَعْبَةِ لَئِنْ أتَيْتَ بآيَةٍ كَمَا أتَتْ بهِ الرُّسُلُ قَبْلَكَ لآمَنَّا بكَ ". وقال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه:" اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ: إنْ كُنْتَ صَادِقاً فَشُقَّ لَنَا الْقَمَرَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إنْ فَعَلْتُ تُؤْمِنُونَ؟ " قَالُواْ: نَعَمْ، فَسَأَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ أنْ يُعْطِيَهُ مَا قَالُواْ، فَانْشَقَّ الْقَمَرُ فِرْقَتَيْنِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " يَا فُلاَنُ؛ وَيَا فُلاَنُ؛ وَيَا فُلاَنٌ: إشْهَدُوا " ". وعن ابن مسعودٍ قالَ:" أشَارَ إلَى الْقَمَرِ فَانْفَلَقَ فِلْقَتَيْنِ، فَكَانَتْ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْجَبَلِ، وَالأُخْرَى أسْفَلَ مِنَ الْجَبَلِ حَتَّى رَأى الْجَبَلَ بَيْنَ فِلْقَتَي الْقَمَرِ، وَقَالَ: " اشْهَدُوا " فَقَالَ أبُو جَهْلٍ: إنَّ مُحَمَّداً سَحَرَ الْقَمَرَ! ثُمَّ قَالَ أبُو جَهْلٍ لأَصْحَابهِ: ابْعَثُوا بالرُّسُلِ إلَى الْبلاَدِ فَإنْ عَايَنُواْ مِنْ ذلِكَ مَا عَايَنَّا فَهُوَ آيَةٌ، وَإلاَّ فَهُوَ سِحْرٌ. فَبَعَثُواْ الرُّسُلَ إلَى جَمِيعِ الْبلاَدِ، فَإذا النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بانْشِقَاقِ الْقَمَرِ، فَلَمَّا رَجَعُواْ إلَيْهِمْ وَأخْبَرُوهُمْ بهِ قَالُوا: إنَّ هَذا سَاحِرٌ دَاهِي! "


الصفحة التالية
Icon