قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ خُشَّعاً أَبْصَٰرُهُمْ ﴾؛ نُصِبَ على الحالِ مِن يخرجُون، وذلك دليلٌ على تقدُّم الحالِ على الفعلِ المتصَرِّف، وكذلك يقالُ: رَاكباً جاءَ زيدٌ كما يقالُ جاء زيد راكباً، وتقديرهُ: ويُخرَجُون من الأجداثِ خُشَّعاً أبصارُهم. قرأ أبو عمرٍو ويعقوب وحمزةُ والكسائي وخلف: (خَاشِعاً) بالألفِ، وقرأ الباقون: (خُشَّعاً) على الجمعِ. قال الفرَّاءُ: (يَجُوزُ فِي أسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ إذا تَقَدَّمَتْ عَلَى الْجَمَاعَةِ التَّوْحِيدُ وَالْجَمْعُ وَالتَّأْنِيثُ، يُقَالُ: مَرَرْتُ بشَبَابٍ حَسَنٍ أوْجُهُهُمْ، وَحِسَانٍ أوْجُهُهُمْ، وحَسَنَةٍ أوْجُهُهُمْ). وفي قراءةِ عبدِالله: (خَاشِعَةً أبْصَارُهُمْ) أي ذليلةً خاضعةً عند رُؤية العذاب. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ﴾؛ أي يَخرُجون عندَ النَّفخةِ من القُبور فَزِعِينَ لا يَهتَدُون إلى شيءٍ، يحولُ بعضُهم إلى بعضٍ مثلَ الجرادِ المنتشرِ. والمعنى: أنَّهم يخرُجون فَزِعين لا جهةَ لأحدٍ منهم فيقصِدُها، والجرادُ لا جهةَ له تكون أبداً مختلفةٌ بعضها فوقَ بعضٍ.