قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ ﴾؛ معناهُ: فدَعَا نوحُ ربَّهُ أنِّي مغلوبٌ بينَهم ومقهورٌ، فانتَقِمْ لِي مِمَّن كذبَني، ومعنى قولهِ تعالى ﴿ فَٱنتَصِرْ ﴾ أي فَانتَقِمْ منهُم لدِينِكَ، وإنما دعَا عليهم بالهلاكِ بعد ما أُذِنَ له في الدُّعاء. فأجابَ اللهُ دعاءَهُ فقالَ اللهُ تعالى: ﴿ فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ ﴾ أي بماءٍ سَيلٍ مُنْصَبٍّ انْصِبَاباً شَديداً لا ينقطعُ، متدفِّقٌ مع كثرةٍ شديدة، قال الكلبيُّ: (إنْصَبَّ أرْبَعِينَ يَوْماً). وقُرئ (فَفَتَّحْنَا) بالتشديدِ على تكثيرِ الفعل، وذكرُ الأبواب في الآية على معنى أنَّ إجراءَ الماءِ كان بمنْزِلة جَرَيانهِ كأنَّهُ فُتِحَ عنه باباً كان مانِعاً له.