قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ﴾؛ أي جالسِين جلسةَ الملوكِ مُكرَمِين على فُرُشٍ بَطَائِنُها من استبرقَ، البطَانَةُ: الصَّفحَةُ مما يلِي الأَرضَ في البطانةِ، والاستبرقُ: الدِّيبَاجُ المنسوجُ بالذهب. وإنما ذُكرت البطائنُ من استبرقَ لتعرف أنَّ البطائنَ إذا كانت هكذا، فالظاهرُ لا شكَّ أنَّها أشرفُ منها على ما عليهِ العادةُ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه: (هَذِهِ الْبَطَائِنُ؛ فَمَا ظَنُّكُمْ بالظَّوَاهِرِ). وقيل لسعيدِ بن جُبير: الْبَطَائِنُ مِنْ اسْتَبْرَقَ فَمَا الظَّوَاهِرُ؟ قَالَ: (هَذا مِمَّا قَالَ اللهُ تَعَالَى:﴿ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾[السجدة: ١٧]). وقال ابنُ عبَّاس: (وَصَفَ الْبَطَائِنَ وَتَرَكَ الظَّواهِرَ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ فِي الأَرْضِ أحَدٌ يَعْرِفُ مَا الظَّوَاهِرُ؟). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾؛ أي ثَمَرُهما قريبٌ مُتَنَاوَلُهُ، يناوَلهُ القائمُ والقاعد والمضطجعُ، يأخذهُ كيف ما أرادَ، ويدنُو إلى أفواهِهم حتى يناولونَهُ بالأفواهِ.
﴿ فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.