قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾؛ معناهُ: لأَنتم يا معشرَ المسلمين أهْيَبُ في قُلوب المنافقين واليهودِ من عذاب الله، وخَوفُهم منكم أشدُّ من خوفِهم اللهَ لعِلمِهم بكم وصفاتِكم، وجَهلِهم باللهِ وعظَمَتهِ.
﴿ ذَلِكَ ﴾؛ الخوفُ الذي بهم منكم دونَ اللهِ.
﴿ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ﴾؛ لاَ يعرِفُون اللهَ تعالى، ولو عَرفوهُ لعَلِمُوا أنَّ عقوبةَ اللهِ أعظمُ مما عساهُ يقع بهم من فعلِ المؤمنين. وفي هذه الآيةِ بيانُ أنَّهُ لا ينبغِي لأحدٍ أنْ يكون خَوفهُ من الناسِ أزيَدُ من خوفهِ من اللهِ تعالى، وإنَّ من زادَ خوفهُ من أحدٍ من الناسِ على خوفهِ من اللهِ فليس بفَقِيهٍ، إنما الفقيهُ من يخشَى اللهَ كما في آيةٍ أخرى﴿ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ ﴾[فاطر: ٢٨]، والفقهُ: الْعِلْمُ بمفهومِ الكلامِ في إدراكِ ظَاهرهِ بمضمونهِ، والناسُ يتفَاضَلون في الإدراكِ لاختلافِهم في جَوْدَةِ القريحةِ وسُرعَةِ الفطنةِ.


الصفحة التالية
Icon