قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾؛ هذا جوابٌ لليهودِ في قولهم﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾[المائدة: ١٨] وَقَالَ اللهُ تَعَالَى لنَبيِّهِ: قل لَهم: إنِ ادَّعيتُم أنَّكم أحبَّاءُ اللهِ وأهلُ ولايتهِ وأنَّ الجنةَ في الآخرةِ لكم من دونِ الناسِ، فاسأَلُوا اللهَ الموتَ إنْ كُنتم صَادِقين في مقَالَتِكم، قولوا: اللَّهُمَّ أمِتْنَا كي تصلوا إلى نعيمِ الآخرة وتستَرِيحوا من تعقب الدُّنيا، وسُيمِيتُكم اللهُ إنْ قُلتم ذلكَ. كما رُوي في الحديثِ:" أنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالَ لَهُمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: " قُولُوا: اللَّهُمَّ أمِتْنَا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَيْسَ أحَدٌ مِنْكُمْ يَقُولُ ذلِكَ إلاَّ غَصَّ بريقِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ " فَكَرِهُوا ذلِكَ وَأبَوا أنْ يَقُولُوا "، وَعَرَفُوا أنَّهُ سَيَكُونُ ذلِكَ إنْ قَالُوا. فأنزلَ اللهُ تعالى: ﴿ وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ ﴾؛ أي لا يتَمنَّون ذلك بما قدَّمُوا من التكذيب بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، والتحريفِ لصِفَتِه في التَّوراةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ ﴾؛ إخبارٌ عن معلومِ الله فيهم، حذرَهم اللهُ بقولهِ: ﴿ قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ﴾؛ أي قل يا مُحَمَّدُ لليهودِ: إنَّ الموتَ الذي تفِرُّون منه لأَنْ تَلْقَوْهُ فإنه نازلٌ بكم لا محالةَ عند انقضاءِ آجالكم.
﴿ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾؛ من خيرٍ أو شرٍّ.


الصفحة التالية
Icon