قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ ﴾؛ السِّلسلةُ: حلَقةٌ منتَظَمةٌ ذرعُها سبعون ذراعاً، الذِّراعُ سَبعون بَاعاً، كلُّ باعٍ أبعدُ ما بين الكوفةِ ومكَّة، قال الحسنُ: (اللهُ أعْلَمُ بأَيِّ ذِرَاعٍ هُوَ). قال ابنُ أبي نُجيح: (بَلَغَنِي أنَّ جَمِيعَ أهْلِ النَّار فِي تِلْكَ السِّلْسِلَةِ). وقولهُ تعالى ﴿ فَاسْلُكُوهُ ﴾ أي أدخِلُوها في دبُرهِ، وأخرِجُوها من فيهِ، وألقُوا ما فضَلَ منها في عُنقهِ. يقالُ: سلكتُ الخيطَ في الإبرةِ إذا أدخلتهُ فيها، وتقولُ العربُ: أدخلتُ الخاتمَ في إصبَعي، والقُلنسوةَ في رأسِي، ومعلومٌ أنَّ الإصبعَ هي التي تدخلُ في الخاتمِ، ولكنَّهم أجَازُوا ذلك؛ لأنَّ معناهُ لا يُشكِلُ. وفائدةُ السِّلسلة: أنَّ النارَ إذا رمَت بأهلِها إلى أعلاَها جذبَتهُم الزبانيةُ بالسَّلاسلِ إلى أسفلها، قال ابنُ عبَّاس: (لَوْ وُضِعَتْ حَلَقَةٌ مِنْ تِلْكَ السِّلْسِلَةِ عَلَى ذرْوَةِ جَبَلٍ لَذابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ، وَلَوْ جُمِعَ صَدِيدُ الدُّنْيَا كُلُّهُ لَمَا وَزَنَ حَلَقَةً وَاحِدَةً مِنْ حَلْقِ تِلْكَ السِّلْسِلَةِ). قال الكلبيُّ: (مَعَنْى قَوْلِهِ ﴿ فَاسْلُكُوهُ ﴾ أيِ اسْلُكُوا السِّلْسِلَةَ فِيْهِ كَمَا يُسْلَكُ الْخَيْطُ فِي اللُّؤْلُؤِ).