قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ ﴾؛ أي تصعدُ الملائكة والرُّوحُ يعني جبريلَ عليه السلام ﴿ إِلَيْهِ ﴾؛ أي إلى الموضعِ الذي لا يجرِي لأحدٍ سواهُ فيه حكمٌ. وقولهُ تعالى: ﴿ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾؛ قال عكرمةُ وقتادة: (يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وعن أبي سعيدٍ قالَ:" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا أطْوَلَ هَذا الْيَوْمَ - يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ -! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ إنَّهُ لَيُخَفَّفُ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا " ". وَقِيْلَ: معنى الآيةِ: تعرجُ الملائكةُ والروح إليه في يومٍ يكون مقدارهُ خَمسين ألفَ سَنة لعُروجِ غيرِهم، وذلك أنَّ مِن أسفلِ الأرضين السَّبع إلى فوقِ السماوات السَّبع خمسين ألفَ سنةٍ، هكذا رُوي عن مجاهدٍ. وأما قولهُ﴿ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾[السجدة: ٥] هو ما بين سَماء الدُّنيا إلى الأرضِ في الصُّعود خمسمائةِ سَنة، وفي النُّزول خمسمائةِ سَنة كذلكَ، فذلكَ قولهُ ﴿ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ لغيرِ الملائكةِ. وقال يَمانُ: (يَعْنِي: الْقِيَامَةَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ خَمْسُونَ مَوْطِناً، كُلُّ مَوْطِنٍ ألْفُ سَنَةٍ). وفيه تقديمٌ وتأخير؛ كأنَّه قالَ: ليس له دافعٌ في يومٍ كان مقدارهُ خمسين ألفَ سنةٍ، تعرجُ الملائكة والروحُ إليه. وَقِيْلَ: معنى الآية: لو جعلَ اللهُ محاسبةَ الخلائقِ إلى أحدٍ غيرهِ لم يفرَغْ منهُ في خمسين ألف سَنة، وهو يفرغُ منه في ساعةٍ واحدة؛ لأنه سريعُ الحساب.


الصفحة التالية
Icon