قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً ﴾؛ أي اصبرْ يا مُحَمَّدُ على تبليغِ الوحي والرسالةِ وعلى ما يلحقُكَ من الأذيَّة من الكفار، والصَّبرُ الجميلُ هو الذي لا جَزَعَ فيهِ ولا شكوَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ﴾؛ أي يرَونَ العذابَ بعيداً غيرَ كائنٍ، كما يخبرُ الرجلُ عن شيءٍ فيقولُ: هذا بعيدٌ؛ أي هذا مما لا يكونُ، وَنحنُ.
﴿ وَنَرَاهُ قَرِيباً ﴾؛ أي صَحيحاً كائناً؛ لأنَّ كلَّ ما هو كائنٌ قريبٌ. ثم أخبرَ متى يقعُ العذابُ فقالَ تعالى: ﴿ يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ ﴾ أي كالصُّفرِ الْمُذاب، وَقِيْلَ: كَدُرْدِيِّ الزيتِ، وقال الحسنُ: (مِثْلِ الْفِضَّةِ إذا أُذِيبَتْ).
﴿ وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ﴾؛ أي كالصُّوفِ الأحمرِ، وهو أضعفُ الصُّوفِ.
﴿ وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ﴾؛ أي لا يسألُ قريباً عن قرائبهِ لاشتغالِ كلٍّ بنفسهِ من شدَّة الأهوالِ. وقرأ البزيُّ عن ابنِ كثير (وَلاَ يُسْأَلُ حَمِيمٌ) بضمِّ الياء أي لا يقالُ لحميمٍ: أينَ حَمِيمُكَ؟ قال الفرَّاءُ: (وَلَسْتُ أشْتَهِي ذلِكَ؛ ضَمَّ اليَّاءِ؛ لأنَّهُ مُخَالِفُ لِجَمَاعَةِ الْقُرَّاءِ).