قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ ﴾؛ ابتداءُ كلامٍ، والعربُ تَبتَدِئُ بـ (حتى) والمعنى: إذا رأى الكفارُ الذين يستَطِيلُونَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم العذابَ إمَّا في الدُّنيا أو في الآخرةِ.
﴿ فَسَيَعْلَمُونَ ﴾؛ عندَ ذلك.
﴿ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ﴾ أي مَن أضعفُ مَانِعاً وأقلُّ جُنداً، أهُمْ أمِ المؤمنون؟فلمَّا سَمعوا هذا قال النَّضِرُ بنُ الحارثِ: متَى هذا الوعدُ الذي تَعِدُنا بهِ؟ فأنزلَ اللهُ: ﴿ قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ ﴾؛ من العذاب؛ أي ما أدري أقريبٌ هذ العذابُ.
﴿ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً ﴾؛ أي غايةً وبُعداً، قال عطاءُ: (يَعْنِي أنَّهُ لاَ يَعْلَمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلاَّ اللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ) وهو قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً ﴾؛ أي لا يُطلِعُ على غَيبهِ أحَداً من خلقهِ.
﴿ إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ﴾؛ فإنه إذا أرادَ إطْلاعَهُ بالوحِي على ما يشاءُ على الغيب.
﴿ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ﴾؛ أي جعلَ مِن بين يَدي الرسولِ ومِن خلفه حَفَظَةً من الملائكةِ ليُحِيطُوا به، ويَحَفظُونَهُ، ويحفظُوا الوحيَ مِن أن تَسْتَرِقَهُ الشياطينُ، فُتلقِيَهُ إلى الكهنَةِ. وذلك أنَّ الله تعالى كان إذا أُنْزِلَ جبريلُ بالوحيِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أرسلَ ملائكةً يُحيطون به وبالنبيِّ صلى الله عليه وسلم حتى يفرغَ من وجههِ، كَيْلاَ يَقرُبَ منه شيطانٌ ولا جانٌّ يَذهبون به إلى كهَنتهِم حتى يكون النبيُّ صلى الله عليه وسلم أوَّلَ مَن تكلَّمَ به؛ ليكون ذلك دَليلاً على نُبوَّتهِ.