قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ﴾؛ ليس على ثِقَلِ الحفظِ، ولكن قال الحسنُ: ((إنَّهُمْ لَيَهُذُّونَ هَذَاؤُهُ، وَلَكِنَّ الْعَمَلَ بهِ ثَقِيلٌ)). وقال قتادةُ: ((ثَقِيلٌ وَاللهِ فَرَائِضُهُ وَحُدُودُهُ))، وقال مقاتلُ: ((ثَقِيلٌ لِمَا فِيْهِ مِنَ الأَمْرِ وَالْحُدُودِ)). وقال أبو العاليةَ: ((ثَقِيلٌ بالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، فَلاَ يَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يُؤَدِّي جَمِيعَ أوَامِرِهِ إلاَّ بتَكَلُّفٍ يَثْقِلُ)). ويقالُ: معناهُ: كَلاماً مُحْكَماً ليس بسَفْسَافٍ كما يقالُ: هذا كلامٌ له وَزْنٌ. وَقِيْلَ: إنما سُمي ثقيلاً لثِقَلِهِ في الميزانِ مع خفَّته على اللسانِ، وعن الحسنِ في قولهِ تعالى ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ﴾ قال: ((الْعَمَلُ))، وَقِيْلَ: ثقيلٌ لا يحملهُ إلاّ القلبُ المؤيَّدُ بالتوفيقِ ونفسٌ مؤمِنة بتوحيدهِ. وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَت: [لَقَدْ رَأيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَنْفَصِمُ عَنْهُ، وَإنَّ جَبينَهُ لَيَنْفصُ عَرَقاً].
وقالت عائشةُ أيضاً: [إنْ كَانَ لَيُوحَى إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَتَضْرِبُ بجِرَانِهَا].


الصفحة التالية
Icon