قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ ﴾؛ أي ذلك اليومُ وُصِفَ هو الحقُّ.
﴿ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً ﴾؛ أي رَجْعاً حَسناً؛ أي مَن شاءَ رجَعَ إلى اللهِ بطاعته. ثم خوَّف الكفارَ فقال تعالى: ﴿ إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً ﴾؛ أي خوَّفناكم من عذابٍ قريب كائن، يعني عذابَ الآخرةِ، وكلُّ ما هو آتٍ قريبٌ، والخطابُ لأهلِ مكَّة. ثم بيَّن متى يكون ذلكَ العذابُ، فقالَ تعالى: ﴿ يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴾ أي يومَ يرَى الرجلُ فيه جزاءَ عملهِ في الدُّنيا من خيرٍ أو شرٍّ، وخَصَّ اليدَين؛ لأنَّ أكثرَ العملِ يكون بهما. وأمَّا الكافرُ فيقول: ﴿ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً ﴾؛ أي لَيتَني لم أُبعَثْ، ولَيتَنِي بقيتُ تُراباً بعدَ الموتِ، وقال مقاتلُ: ((إنَّ اللهَ يَجْمَعُ الدَّوَابَّ وَالطُّيُورَ وَالْوُحُوشَ يَوْماً، وَيَقْضِي بَيْنَ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، ثُمَّ يَقْضِي لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ، فَإذا فَرَغَ مِنْ ذلِكَ، قَالَ: مَنْ رَبُّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أنَا خَلَقْتُكُمْ وَسَخَّرْتُكُمْ لِبَنِي آدَمَ، وَكُنْتُمْ لِي مُطِيعِينَ أيَّامَ حَيَاتِكُمْ، فَارْجِعُواْ لِلَّذِي خَلَقْتُكُمْ مِنْهُ. فَيَصِيرُونَ تُرَاباً، فَعِنْدَ ذلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: ﴿ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً ﴾.
)). قال أبو هُريرة: ((فَيَقُولُ التُّرَابُ لِلْكَافِرِ: لاَ حُبّاً وَلاَ كَرَامَةَ لَكَ أنْ تَكُونَ مِثْلِي)).


الصفحة التالية
Icon