قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ ﴾؛ أي لُعِنَ الكافرُ ما أكفَرَهُ باللهِ وبنعمتهِ مع كَثرةِ إحسانهِ إليه، قال مقاتلُ: ((نَزَلَتْ فِي عُتْبَةَ بْنِ أبي لَهَبٍ، والمرادُ به كلَّ كافرٍ)). قولهُ ﴿ مَآ أَكْفَرَهُ ﴾ تعجيبٌ بمعنى التوبيخِ، يقالُ: أيُّ شيءٍ حَملَهُ على الكفرِ مع وضُوحِ الدلائلِ على وحدانيَّة اللهِ، فتعجَّبُوا من كُفرهِ. وأما اللهُ تعالى فلا يجوزُ أن يتعجَّبَ من شيءٍ لكونه عالِماً لم يزَلْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ ﴾؛ معنى الآيةِ: ما أشدَّ كُفرَهُ باللهِ، اعجَبُوا أنتم من كُفرهِ. ثم بيَّن مِن أمرهِ ما كان ينبغي معه أن يُعلمَ أنَّ اللهَ خالقُهُ، فقال تعالى: ﴿ مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ ﴾، لفظُ استفهامٍ، ومعناهُ: التقريرُ: ثم فسَّرَ ذلك فقال تعالى: ﴿ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ ﴾ أي من مَاءٍ مَهين حقيرٍ خلَقهُ فصوَّرَهُ في رحمِ أُمِّه على الاستواءِ باليدَين والرِّجلَين وسائرِ الأعضاءِ.
﴿ فَقَدَّرَهُ ﴾؛ على ما يشاءُ من خلقهِ طَويلاً أو قصيراً؛ ذميماً أو حسَناً؛ ذكراً أو أُنثى؛ شقيّاً أو سعيداً، وغيرِ ذلك من الأوصافِ.


الصفحة التالية
Icon