قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ ﴾؛ يعني صَيْحَةَ القيامةِ تصُخُّ الأسماعَ التي تصمُّها لشَّدة الصَّيحةِ، والصاخَّةُ من أسماءِ القيامة، ثم بيَّن في أيِّ وقت تجيءُ فقال: ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ﴾ لا يلتفتُ أحدٌ إلى أحدٍ منهم لعِظَمِ ما هم فيه، ومخافَةَ إن سألَهُ أحدٌ منهم يحملُ عنه شيئاً من عقابهِ ويُوَاشيهِ بشيءٍ من ثوابه. وَقِيْلَ: يفرُّ منهم حَذراً من مطالبتِهم إياهُ بما بينهم من التَّبعاتِ والمظالِم. وَقِيْلَ: لعلمهِ بأنَّهم لا ينفعونَهُ. وعن الحسنِ قال: ((أوَّلُ مَنْ يَفِرُّ مِنْ أبيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ، وَيَفِرُّ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُمِّهِ، وَيَفِرُّ لُوطٌ عليه السلام مِنْ زَوْجَتِهِ، وَنُوحٌ مِنْ إبْنِهِ كَنْعَانَ، وَهَابيلُ مِنْ أخِيهِ قَابيلَ) وَهَذا فِي أوْلِي الثَّوَاب مِنْ أهْلِ الْعِقَاب، وَفِي أهْلِ الْعِقَاب فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَأمَّا أهْلُ الثَّوَاب فِيمَا بَيْنَهُمْ فلَيْسُوا كَذِلكَ، وَلَكِنْ يَسْأَلُونَ رَبَّهُمْ إلْحَاقَ ذُرِّيَّتِهِمْ.