قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ﴾؛ قال الفرَّاءُ: ((سُئِلَتِ الْمَوْءُدَةُ فَقِيلَ لَهَا: ﴿ بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾ )) ومعنى سُؤالها توبيخُ قاتِلها، لا يقولُ: قَتلتُ بغيرِ ذنبٍ. والموءودَةُ: المقتولَةُ بثِقَلِ التُّراب الذي يطرحُ عليها، ومنه قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾[البقرة: ٢٥٥] أي لا يثقلُ حفظُ عليه السَّماوات والأرضِ، وكانت العربُ تَئِدُ البناتِ من أولادها حيَّةً؛ كَيلا يُخطَبْنَ إليهم، ومخافةَ الإملاقِ كما قالَ تعالى﴿ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ﴾[الإسراء: ٣١].
قال المفسِّرون: هي الْمَوْءُدَةُ المقتولَةُ المدفونَةُ حيَّةً، سُميت بذلك لما يطرحُ عليها من التُّراب فيَؤُودهَا؛ أي يُثقِلُها حتى تموتَ، قالوا: وكان الرجلُ من العرب إذا وُلِدت له بنتٌ، فإذا أرادَ أن يستبقيها ألبسَها جُبَّة من صُوفٍ ترعَى له الإبلَ والغنمَ، وإذا أرادَ أن يقتُلَها تركَها حتى إذا صارت سُداسيَّةً ثم يقولُ لأُمِّها: طيِّبيهَا وزَيِّنيها حتى أذهبَ بها إلى بيتِ أقَاربها، وقد حفرَ لها بئراً في الصَّحراء، فإذا بلغَ البئرَ قال لها: انظُرِي إلى هذا البئرِ فيدفَعُها من خلفِها في البئرِ، ثم يُهِيلُ عليها الترابَ حتى يُسوِّيَها بالأرضِ. قال قتادةُ: ((كَانَ أهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقْتُلُ أحَدُهُمُ ابْنَتَهُ وَيَغْذُو كَلْبَهُ)). ويجوز أنْ يكون معنى سُئِلَتْ: طَلَبَتْ من قاتِلها لِمَ قتلَها كما تقولُ: سألتُ حقِّي من فلانٍ إذا أخذتَهُ وطلبتَ حقَّكَ منه.