قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ ﴾؛ بيانٌ لصفةِ أولي الألباب، ومعنى الذِّكْرِالمطلقِ؛ أي يَذْكُرُونَ اللهَ في جميعِ أحوالِهم، وقيل: المرادُ به الصَّلاةُ؛ أي لا يتركون الصَّلاةَ؛ صَحُّوا أو مَرِضُوا، يُصَلُّونَ قِيَاماً إنِ استطاعوا؛ أو جُلُوساً إنْ لم يستطيعُوا القيامَ؛ ومضطجعينَ إنْ لَمْ يستطيعُوا الجلوسَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾؛ أي في عِظَمِ شأنِهما ومَن فيهما مِن الآياتِ والعِبْرَاتِ؛ القائلينَ: ﴿ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً ﴾؛ أي ما خَلَقْتَ هَذا الْخَلْقَ لِلْبَاطِلِ وَالْعَبَثِ؛ بَلْ خلقتَهُ دليلاً على وَحْدَانِيَّتِكَ وَصِدْقِ ما أتَتْ بهِ أنبياؤُكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾؛ أي تَنْزِيهاً لكَ وبراءةً لكَ مِن أن تكون خَلَقْتَهُمَا باطلاً؛ ﴿ فَقِنَا ﴾؛ فَادْفَعْ؛ ﴿ عَذَابَ النَّارِ ﴾؛ قال صلى الله عليه وسلم:" مَنْ أحَبَّ أنْ يَرْتَعَ فِي ريَاضِ الْجَنَّةِ فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ اللهِ "وقال صلى الله عليه وسلم:" ذِكْرُ اللهِ عَلَمُ الإيْمَانِ؛ وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ؛ وَحِصْنٌ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ وَحِرْزٌ مِنَ النِّيْرَانِ "قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ أي لَهما صَانِعٌ قادر مُريد حكِيمٌ، وكانَ سفيانُ الثوريُّ يَبُولُ الدَّمَ مِنْ طُولِ حُزْنِهِ وَفِكْرَتِهِ، وَكَانَ إذا رَفَعَ رَأَسَهُ إلَى السَّمَاءِ فَرَأى الْكَوَاكِبَ غُشِيَ عَلَيْهِ. وانتصبَ قولهُ ﴿ بَاطِلاً ﴾ بنَزع الخافضِ؛ أي مَا خَلَقْتُهُ لِلْبَاطِلِ، فقيلَ على المفعولِ الثانِي، وقوله: ﴿ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً ﴾ ذاهباً به إلى لفظِ الْخَلْقِ، ولو رَدَّهُ إلى السَّماءِ والأَرضِ لقال: هذهِ.


الصفحة التالية
Icon