قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ﴾؛ قال الكلبيُّ: (مَعْنَى فِي الدِّيْنِ وَالنُّصْرَةِ وَالْمُوَالاَةِ). وقيل: حكم جميعكم في الثَّواب واحدٌ، وقيل: كُلُّكُمْ مِنْ آدمَ وحوَّاء. وقال مجاهدُ: قَالَتْ أمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إنِّي أسْمَعُ اللهَ يَذْكُرُ الرِّجَالَ فِي الْهِجْرَةِ، وَلاَ يَذْكُرُ النِّسَاءَ بشَيْءٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ﴿ فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ﴾.
قال الضحَّاكُ: (مَعْنَاهُ: رجَالُكُمْ شَكْلُ نِسَائِكُمْ فِي الطَّاعَةِ، وَنِسَاؤُكُمْ شَكْلُ رِجَالِكُمْ فِي الطَّاعَةِ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي ﴾؛ الآيةُ أي الذينَ هاجَروا من مكَّةَ إلى المدينةِ، وأخرَجُوا مِن أوطانِهم وأوْذُوا في طاعَتِي.
﴿ وَقَـٰتَلُواْ ﴾؛ المشركينَ مع مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وقَتَلَهُمُ الْعَدُوُّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾؛ ذُنُوبَهُمْ.
﴿ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ﴾؛ أي بساتينُ تجري من تحتِ شجرِها ومساكنِها الأنهار.
﴿ ثَوَاباً ﴾؛ جَزَاءً.
﴿ مِّن عِندِ ٱللَّهِ ﴾؛ انتصبَ (ثَوَاباً) على المصدر؛ معناهُ: لآتِيَنَّهُمْ ثَوَاباً. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ ﴾؛ أي حُسْنُ الجزاءِ للموحِّدين المطيعين. قرأ محاربُ بن دثَارٍ: (وَقَاتَلُوا وَقَتَلُواْ) بالفتحِ. وقال يزيدُ بن حازمٍ: (سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِالْعَزِيْزِ يَقْرَأ: وَقَتَلُواْ وَقُتِلُوا؛ يَعْنِي أنَّهُمْ قَتَلُواْ الْمُشْرِكِيْنَ، ثُمَّ قَتَلَهُمُ الْمُشْرِكُونَ). وقرأ أبو رجاءٍ وطلحةُ والحسن: (وَقَتَّلُواْ وَقُتِّلُواْ) بالتشديد. وقرأ عاصمُ وأبو عمرٍو ونافعُ: (وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ) بالتخفيفِ أي قَاتَلُواْ ثُمَّ قُتِلُواْ. وقرأ الأعمشُ وحمزة والكسائيُّ وخلَفُ: (وَقُتِّلُواْ وَقَاتَلُوا) أي وقاتَلَ من بَغَى منهم، وقيل معناهُ: وَقَاتَلُوْا وَقَدْ قَاتَلُوا؛ وأضمرَ فيه (قَدْ).