قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ ﴾، قال مقاتلُ: (وَذَلِكَ لأنَّ الْيَهُودَ أقَرُّواْ ببَعْضِ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَكَتَمُواْ بَعْضَهَا لِيُصَدَّقُواْ فِي ذَلِكَ؛ فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ ﴾ الَّذِي تُقِرُّونَ بهِ وَتُبَيِّنُونَهُ ﴿ بِٱلْبَٰطِلِ ﴾ الَّذِي تَكْتُمُونَهُ. فَالْحَقُّ بَيَانُهُ وَالْبَاطِلُ كِتْمَانُهُ). وَقِيْلَ: معناهُ: لا تكتمُوا الحقَّ بالباطلِ هو إيْمانُهم ببعضِ ما جاء به النبيُّ صلى الله عليه وسلم وكفرُهم ببعضهِ. ﴿ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ ﴾؛ يعني نَعْتَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وصفتَهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾؛ أي تعلَمُون أنه نبيٌّ مرسلٌ؛ وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ ﴾ يحتملُ أن يكون تكتُمُوا جزماً على النهي. ويحتملُ أن يكون نَصْباً على معنى: وأنْ تَكْتُموا؛ أي لا تجمَعُوا بين اللَّبس والكتمانِ، فهذا مثلُ: لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ عَارٌ عَلَيْكَ إنْ فَعَلْتَ عَظِيْمُوقولهُ: ﴿ وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ ﴾ أي لا تختَلِطوا، يقالُ: لَبَسْتُ عَلَيْهِ الأمرَ؛ أي خَلَطْتُهُ.