قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً ﴾؛ أي تَمَنَّى المنافقونَ والكفارُ أن تكفرُوا أنتُم بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآنِ كما كَفَروا، فتكونُوا أنتم وهم سواءٌ في الكفرِ.
﴿ فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ ﴾؛ أي أحِبَّاءَ.
﴿ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾؛ في طاعةِ اللهِ.
﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْاْ ﴾؛ فإنْ أعْرَضُوا عن الإيْمانِ والْهِجْرَةِ فَأْسِرُوهُمْ.
﴿ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾؛ في الحلِّ والْحَرَمِ.
﴿ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ﴾؛ أي حَبيْباً في العَوْنِ والنُّصرةِ. وهذه الآية محمولةٌ على حالِ ما كانتِ الهجرةُ فَرْضاً كما قال صلى الله عليه وسلم:" أنَا بَرِيْءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ أقَامَ بَيْنَ أظْهُرِ الْمُشْرِكِيْنَ "ثم نُسِخَ ذلك يومَ فتحَ مكَّة كما روَى ابنُ عبَّاس قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام يَوْمَ الْفَتْحِ:" لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإنِ اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُواْ ". وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَتَكُونُونَ سَوَآءً ﴾ لَمْ يدخل جوابَ التَّمنِّي؛ لأنه جوابَهُ بالفاءِ منصوبٌ، وإنَّما أرادَ العطفَ على معنى: وَدُّوا لو تكفرونَ وَوَدُّوا لو تكونُوا سواءً، مثلَ قولهِ:﴿ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾[القلم: ٩] أي وَدُّوا لو تُدْهنُ وودُّوا لو تُدْهِنُونَ، ومثلُه﴿ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ ﴾[النساء: ١٠٢] أي وَودُّوا لو تَميلونَ.