قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ﴾؛ أي مَنْ يعمَلْ معصيةً فإنَّما عقوبتهُ على نفسهِ.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ﴾؛ أي لَمْ يزل عَلِيْماً بكلِّ ما يكونُ، حَكِيْماً فيما حَكَمَ به من القَطْعِ على السارقِ. وَقِيْلَ: معنى الآيةِ: ﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ إثْماً ﴾ يعني بيَمِيْنِهِ بالباطلِ، فَإنَّما يَضُرُّ به نفسَهُ.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً ﴾ بسارقِ الدِّرع.
﴿ حَكِيماً ﴾ حَكَمَ بالقطعِ على طُعْمَةَ بالسَّرقةِ. وقد روي: أنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ؛ عَرَفَ قَوْمُ طُعْمَةَ كُلُّهُمْ أنَّهُ هُوَ الظَّالِمُ، فَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِ وَقَالُواْ لَهُ: اتَّقِ اللهَ وَائْتِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَبُوءُ بالذنْب، فَقَالَ: لاَ؛ وَالَّذِي يُحْلَفُ بهِ مَا سَرَقَهَا إلاَّ الْيَهُودِيُّ. فنَزل قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾؛ أي وَمن يعمل معصيةً بغيرِ عمدٍ أو متعمِّداً ثُمَّ يَرْمِ بَرِيْئاً؛ فقد استوجبَ عقوبةَ الْبُهْتَانِ برميهِ غيرَهُ بشيء لم يفعلْهُ ﴿ وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾ أي ذنْباً بَيِّناً ظَاهِراً. وَقِيْلَ: معناهُ: ﴿ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً ﴾ أي بيمينهِ الكاذبة ﴿ أَوْ إِثْماً ﴾ بسرقةِ الدِّرعِ وَرَمْيِ اليهودي. والْبُهْتَانُ: بَهُتَ الرَّجُلِ بمَا لَمْ يَفْعَلْهُ. وقال الزجَّاج: (الْبُهْتَانُ الْكَذِبُ الَّذِي يُتَحَيَّرُ مِنْ عِظَمِهِ).