قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ﴾؛ أي لا خيرَ في كثيرٍ من أسرار قومِ طُعْمَةَ فيما يريدون بينَهم إلاّ نَجْوَى مَن أمرَ بصدقةٍ فتصدَّق بها، ويجوزُ أن يكون معنى ﴿ إلاّ مَنْ أمَرَ ﴾ الاستثناء ليس من الأوَّل على معنى (لكن) فيكون موضع ﴿ مَنْ أمَرَ ﴾ نصباً على الإضمار، والأوَّل موضعهُ خفضٌ. وذهب الزجَّاج: (إلَى أنَّ النَّجْوَى فِي اللُّغَةِ: مَا تَفَرَّدَ بهِ الْجَمَاعَةُ وَالاثْنَانِ؛ سِرّاً كَانَ ذلِكَ أوْ ظَاهِراً). وقال: (مَعْنَى: نَجَوْتُ الشَّيْءَ إذا خَلَّصْتَهُ وَأفْرَدْتَهُ، وَنَجَوْتُ فُلاناً إذا اسْتَسَرْتُهُ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَوْ مَعْرُوفٍ ﴾ أي أوْ أمرٍ بمعروفٍ، ويسمى البرُّ كلهُ معروفاً، قال صلى الله عليه وسلم:" كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَأَوَّلُ أهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً أهْلُ الْمَعْرُوفِ، وَصَنَائِعُ الْْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارعَ السُّوءِ "قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ﴾ يعني الإصلاحَ بين المتخاصمين، وإصلاحَ ذاتِ البَيْنِ، قال صلى الله عليه وسلم:" " ألاَ أخْبرُكُمْ بأَفْضَلِ دَرَجَةٍ مِنَ الصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ؟ " قَالُواْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " إصْلاَحُ ذاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ، فَلاَ أقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّيْنَ " ". قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ ﴾؛ معناهُ: من يفعل ذلك البرِّ والصلاحَ والصدقةَ لطلب مَرْضَاةِ اللهِ تعالى، لا لِلرِّيَاءِ والسُّمعةِ.
﴿ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ ﴾؛ نُعْطِيْهِ؛ ﴿ أَجْراً عَظِيماً ﴾؛ أي ثَوَاباً وَافِراً في الجنَّة.


الصفحة التالية
Icon