قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً ﴾ أرادَ به الشيطانَ أبعَدَهُ من رحمتهِ إلى عقابهِ بالحكم لهُ بالخلودِ في جهنَّم، ويسقطُ بهذا قولُ من قالَ: كيفَ يصحُّ أن يقالَ: ﴿ لَّعَنَهُ ٱللَّهُ ﴾ وهو في الدُّنيا لا يخلُو من نِعْمَةٍ تَصِلُ إليه من الله في كلِّ حال؟ الجواب لا يعتدُّ بتلك النعمة مع الْحُكْمِ له بالخلودِ في النَّار. قوله تعالى: ﴿ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً ﴾ أي قالَ إبليسُ: لأَتَّخِذنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيْباً معلُوماً، فكلُّ ما أطِيْعَ فيه إبليسُ فهو مفروضٌ له. والفرضُ في اللغة: الْقَطْعُ؛ ومنهُ الْفُرْضَةُ أي الثُّلْمَةُ، والفرضُ في القوس: ما شَدَّ به الوترُ، والفريضةُ في العباداتِ: الأمرُ الْحَتْمُ الْقَاطِعُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾[البقرة: ٢٣٧] أي جعلتم لَهُنَّ قطيعةً من المالِ، وأما قولُ الشاعر: إذا أكَلْتَ سَمَكاً وَفَرْضاً ذهَبْتَ طُولاً وذَهَبْتَ عَرْضَافالفرضُ هنا التَّمْرُ، سُمي فرضاً لأنه يؤخذُ من فرائضِ الصَّدقةِ.