قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾؛ أي يُخَادِعُونَ أولياءَ اللهِ بإظهارهم الإيْمانِ وإبطانِهم الكفرَ؛ ليحقِنُوا بذلك دماءَهم ويشاركُوا المسلمين في غنائمِهم، وجعلَ اللهُ مُخَادَعَةً أوليائهِ مخادعةً لهُ كما قال تعالى﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ ﴾[الفتح: ١٠].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾ أي مُجَازيْهِمْ جزاءَ أعمالِهم؛ وذلك أنَّهم على الصِّراطِ يُعْطَوْنَ نُوراً كما يعطَى المؤمنونَ؛ فإذا مَضَوا بهِ على الصِّراطِ طُفِئَ نورُهم، ويبقى المؤمنون ينظرُون بنورهم، فينادُون المؤمنينَ: أنْظِرُونَا نَقْتَبسْ من نوركم، فيناديهم الملائكةُ على الصِّراطِ: ارجعوا وراءَكم فالتمسُوا نوراً، وقد علمُوا أنَّهم لا يستطيعون الرجوعَ، قال: فيخافُ المؤمنونَ حينئذٍ أن يُطْفَأَ نورُهم، فيقولون: ربَّنَا أتْمِمْ لنا نورَنا، واغْفِرْ لنا إنَّكَ على كُلِ شيءٍ قديرٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ﴾؛ يعني المنافقينَ؛ ﴿ قَامُواْ كُسَالَىٰ ﴾؛ أي مُتَثَاقِلِيْنَ لا يريدون بها وَجْهَ اللهِ تعالى.
﴿ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ ﴾؛ ولا يريدُون الصلاةَ إلاّ مُرَاءَةً للناسِ خَوْفاً منهم.
﴿ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾؛ أي لا يُصَلُّونَ للهِ إلاّ قليلاً ريَاءً وسُمْعَةً، ولو كانوا يريدون بذلكَ القليلِ وجهَ اللهِ لكانَ كثيراً.


الصفحة التالية
Icon