قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ ﴾؛ قال ابن عبَّاس: (مَعْنَاهُ: لاَ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بالدُّعَاءِ الشَّرِّ عَلَى أحَدٍ إلاَّ أنْ يُظْلَمَ فِيْهِ؛ فَيَدْعُو عَلَى ظَالِمِهِ فَلاَ يُعَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أنْ يَشْكُو ظَالِمَهُ وَيَدْعُو عَلَيْهِ). ويقالُ: ﴿ إلاَّ مَنْ ظُلِمَ ﴾ استثناءٌ منقطع؛ معناهُ: لكن المظلومُ يجهر بظَلاَمَتِهِ تَشَكِّياً. وفي تفسير الحسنِ: (لاَ يُحِبُّ اللهُ الْمُشَتِّمَ فِي الانْتِصَار إلاَّ مَنْ ظُلِمَ، فَلاَ بَأْسَ لَهُ أنْ يَنْتَصِرَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ بمَا يَجُوزُ لَهُ الانْتِصَارُ بهِ فِي الدِّيْنِ). ونظيرهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ ﴾[الشعراء: ٢٢٧].
قال الحسنُ: (لاَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ " إذا قِيْلَ لَهُ ": يَا زَانِي، أنْ يَقُولَ بمثْلِ ذلِكَ أوْ نَحْوِهِ مِنْ أنْوَاعِ الشَّتْمِ). وقال مجاهدُ: (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الضَّيْفِ إذا لَمْ يُضَفْ وَمُنِعَ حَقَّهُ، فَقَدْ أذِنَ لَهُ أنْ يَشْكُو)، والضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أيَّامٍ. ومن قرأ (إلاَّ مَنْ ظَلَمَ) بنصب الظّاء، فمعناهُ: لكن الظالِمُ يجهرُ بذلك ظُلماً واعتداءً. وَقِيْلَ: لكن الظالِمُ إجْهَرُوا لهُ بالسُّوءِ من القولِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ﴾؛ أي ﴿ سَمِيعاً ﴾ لدُعاءِ الْمَظْلُومِ؛ ﴿ عَلِيماً ﴾ بعقوبةِ الظالِم. ويقالُ: ﴿ سَمِيْعاً ﴾ لجميع المسمُوعات؛ ﴿ عَلِيماً ﴾ لجميع المظلُومات. فقولهُ تعالى: ﴿ إِلاَّ مَن ظُلِمَ ﴾ في موضعِ نصبٍ على الاستثناء المنقطعِ.