قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً ﴾؛ وذلك أن الله عَزَّ وَجَلَّ أمرَ موسى أن يأتيَهُ في ناسٍ من بني إسرائيلَ؛ فاختارَ موسى من قومهِ سبعين رجلاً من خيارهم؛ وقال لهم: صومُوا وتطهَّروا وطهِّروا ثيابكم. ففعلوا ذلك، فخرجَ بهم موسى إلى طور سَيْنَاءَ لميقات ربهِ؛ فلما بلغُوا هنالك أمرَهم موسى بالْمُكْثِ في أسفلِ الجبل وصعد هو؛ فقالوا لموسى: أطلُب لنا نسمع كلامَ الله؛ فوقع على الجبلِ غمام أبيضٌ؛ فغشاهُ كله. وكان موسى عليه السلام إذا ناجَى ربه وقعَ على وجهه نورٌ ساطعٌ لا يستطيع أحدٌ من بني آدم أن ينظرَ إليه؛ فضربَ دونه الحجابُ؛ ودنَا القوم حتى دخلوا في الغمامِ؛ وخرُّوا سجَّداً؛ فسمعوهُ وهو يكلِّم موسى يأمرهُ وينهاه، فأسْمَعهم اللهُ تعالى:﴿ إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ ﴾[طه: ١٤] أخرجتُكم من مصرَ فاعبدونِي ولا تعبدوا غيري؛ فلما فَرَغَ موسى وانكشفَ الغمامُ؛ وأقبلَ إليهم، قالوا: ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ﴾ أي لا نصدِّقَ حتى نرى الله عَيَاناً وعلانيةً.
﴿ فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ ﴾؛ أي فأخَذتهم الصاعقة؛ أي نزلت نارٌ من السماء فأحرقتهم جميعاً. ويقال: سَمعوا صوتاً فماتُوا. يقال: صُعِقَ فلانٌ؛ أي هلكَ.
﴿ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ ﴾.
قرأ عمرُ وعثمان وعليٌّ بغير ألف (الصَّعْقَةُ). وقرأ ابنُ عباس: (جَهَرَةً) بفتح الهاء وهما لُغتان. فلبثوا موتَى يوماً وليلة.


الصفحة التالية
Icon