قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس: (وَذَلِكَ أنَّ رُؤَسَاءَ مَكَّةَ أتَواْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ: سَأَلْنَا الْيَهُودَ عَنْ نَعْتِكَ وَصِفَتِكَ؛ فَزَعَمُواْ أنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَكَ فِي كُتُبهِمْ، فَأْتِنَا بمَنْ يَشْهَدُ لَكَ أنَّ اللهَ بَعَثَكَ إلَيْنَا رَسُولاً، فَأَنَزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ، وَأنْزَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى:﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدةً قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾[الأنعام: ١٩]). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ﴾؛ أي على عِلْمٍ منهُ بأنَّكَ أهْلٌ لإنزالهِ عليكَ، وعَلِمَ من يَقْبَلُ ومن لا يقبلُ كما قالَ اللهُ تعالى:﴿ ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾[الأنعام: ١٢٤].
وَقِيْلَ: معناهُ: ﴿ أنْزَلَهُ بعِلْمِهِ ﴾ أي عَلِمَ ما فيهِ من الأحكامِ وما تحتاجُ إليه العبادُ من أمرِ دِينهم ودُنياهم ثُمَّ أنْزَلَهُ. وَقِيْلَ: معناهُ: أنزلَهُ إليكَ من عندهِ لم يُبَدِّلْ ولم يُغَيَّرُ، بل وَصَلَ إليكَ كما كان في اللَّوحِ الْمَحْفُوظِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ ﴾؛ أي يشهدونَ على شهادَةِ اللهِ، وعلى شهادتِكَ بأنَّ الذي شَهِدْتَ به حَقٌّ، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً ﴾؛ أي اكْتَفُوا باللهِ شهيداً في شهَادَتِهِ أن تَشْهَدَ اليهودُ بما في كتابهم.


الصفحة التالية
Icon