قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ﴾؛ نزلت في جَابرِ بنِ عبدِالله حين جاءَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ لِي أُخْتاً؛ فَمَا لِي فِيْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا، فأنزلَ اللهُ هذه الآيَةَ، وقد تقدَّم تفسيرُ الكَلاَلَةِ، وابتدأ بالرجلِ، فيقالُ: إنهُ ماتَ قبل أختهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ ﴾؛ يعني مِن أُمٍّ وأبٍ أو من أبٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ﴾؛ وحكمُ الثَّلاثِ والأربعِ فصاعداً حكمُ الاثنين كالبناتِ، وإنْ كانوا إخوةً؛ ﴿ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً ﴾؛ أي وإنْ كان الورثةُ إخوةً من أمٍّ وأبٍ، أو من أبٍ ذُكُوراً وإناثاً؛ ﴿ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ ﴾.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ ﴾؛ أي يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ قِسْمَةَ المواريثِ؛ لِئَلاَّ تُخْطِئُوا في قِسْمَتِهَا، وقد حذفَ (لا) في الكلامِ ويرادُ إثباتُها كما في قوله تعالى:﴿ وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾[لقمان: ١٠]، ويقال في القَسَمِ: واللهِ أبْرَحُ قَاعِداً؛ أي لاَ أبْرَحُ، وَتُذْكَرُ (لا) ويراد طرحُها كما في قولهِ تعالى:﴿ لاَ أُقْسِمُ ﴾[القيامة: ١] و﴿ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ ﴾[الأعراف: ١٢].
وذهبَ البصريُّون إلى أنَّ معناهُ: كَرَاهَةَ أنْ تَضِلُّوا، فحذفَ المضافَ وأقامَ المضاف إليه مقامهُ، كما في قولهِ تعالى:﴿ وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ﴾[يوسف: ٨٢].
وقال الفرَّاءُ: (مَوْضِعُهُ نُصِبَ بنَزْعِ الْخَافِضِ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾؛ ظاهرُ المعنى. وعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ:" مَنْ قَرَأَ سُورَةَ النِّسَاءِ: أعْطِيَ مِنَ الأَجْرِ كَمَنِ اشْتَرَى ذا رَحِمٍ وَاَعْتَقَهُ، وَبُرِّئَ مِنَ الشِّرْكِ، وَكَانَ فِي مَشِيْئَةِ اللهِ مِنَ الَّذِيْنَ يَتَجَاوَزُ عَنْهُمْ "